ريم زيتاوي – أخصائية تغذية
يعتبر حليب الأم الغذاء المثالي والأول للطفل بعد ولادته وحتى سن 6 أشهر، ولكن نسبة قليلة من الأمهات يرضعن أطفالهن حتى سن 6 شهور، ويعود ذلك إلى عدة أمور، أهمها الضغوط النفسية التي تتعرض لها الأم وبعض المعتقدات الخاطئة التي تعتبر أن حليب الأم لا يكفي لتغذية الطفل. خلال الأسابيع الأولى، على الأم أن ترضع طفلها حسب الطلب، حتى ولو كان ذلك كل ساعة أو ساعتين.
وللرضاعة الطبيعية فوائد عدة لكل من الأم والطفل:
للطفل:
- يحتوي حليب الأم على العديد من المركبات والأجسام المضادة التي تحمي الطفل من الالتهابات والإصابات الفيروسية، والتي تزيد من مناعة جسمه.
- يقوي العلاقة والترابط العاطفي بين الأم والطفل.
- يحتوي الحليب الصناعي على الكثير من البروتينات المسببة لعدة أنواع من الحساسية الغذائية للطفل، وهذه البروتينات غير موجودة في حليب الأم.
- حليب الأم سهل الهضم بالنسبة للطفل.
- تقلل عملية الرضاعة الطبيعية فرص إصابة الطفل بأي عدوى جرثومية موجودة في البيئة المحيطة التي قد تلوث الحليب الصناعي أو الأدوات المستعملة عند تحضيره، أما حليب الأم فهو ليس بحاجة إلى التعقيم.
للأم:
- تساعد الرضاعة الطبيعية المرأة المرضع على استعادة وزنها السابق قبل الحمل بسرعة أكبر، حيث أن عملية إنتاج الحليب تستهلك من الأم حوالي 500 سعر حراري/ يومياً، والتي تؤخذ من مخزون الدهنيات التي تراكم في جسم الأم خلال فترة الحمل.
- يقلل خطر التعرض للإصابة بسرطان الثدي والمبيض.
- يساعد الإرضاع في وقف النزيف بعد الولادة، وعلى استعادة الرحم لحجمه الطبيعي بوقت قصير، وذلك بسبب ارتفاع هرمون (Oxytocin) الذي يزيد من تقلص عضلات الرحم وبنفس الوقت يحفز إفراز الحليب.
- يعتبر حليب الأم أقل كلفة، ومتوافر في أي وقت.
الاحتياجات الغذائية للمرأة المرضعة:
إن الاحتياجات الغذائية للمرأة المرضعة تفوق تلك المطلوبة للمرأة الحامل.
- البروتين:
تحتاج المرضعة إلى 65 غرام من الروتين/ يومياً خلال أول 6 أشهر من الرضاعة، أي أكثر بـ 15-20 غرام من احتياجات المرأة العادية. ويمكن الحصول على هذه الكمية عن طريق الإكثار من تناول اللحوم الحمراء، الكبدة، الطحال، السمك، الدجاج، الجوزيات (الجوز، الصنوبر، البندق) بكميات معتدلة، الحليب ومشتقاته، البقوليات (الترمس، العدس، اللوبيا الناشفة، الفاصولياء الناشفة).
- الكالسيوم:
تحتاج المرضع إلى 1200 مغ/ يومياً من الكالسيوم لحمايتها من ترقق العظام. ويمكن تأمين هذه الكمية عن طريق الإكثار من تناول الحليب، الجبنة الصفراء والبيضاء، جبنة القشقوان، الكشكة، وسمك السردين.
- الحديد:
لا تحتاج المرأة المرضع إلى زيادة تناول الحديد، حيث أنه ليس عنصراً أساسياً من مكونات حليب الأم، وفي حالة تناول المرأة المرضعة جرعات إضافية من الحديد أثناء فترة الحمل، فعليها الاستمرار في أخذها وعدم إيقافها قبل استشارة الطبيب المختص.
- فيتامين C:
تحتاج المرضعة إلى 95 مغ/ يومياً من فيتامين C والتي يمكن تأمينها عن طريق الإكثار من تناول الفاكهة الطازجة بالأخص الجوافة، الأناناس، العنب، الكيوي، البرتقال، الدراق، الشمام، والخضار الطازجة بالأخص السبانخ، الفليفلة الحلوة، الكرنب، البروكولي، الملفوف، البقدونس، الجرجير، والحمص الأخضر.
- فيتامين A:
تصل احتياجات المرضعة من فيتامين A إلى 1300 مغ/ يومياً. ومن الأغذية الغنية بفيتامين A صفار البيض، الحليب، الكبد، الجزر، البقدوس، الشمندر، الملفوف، اليقطين، المشمش، الدراق، البلح، وزيت النخيل.
- السوائل:
على عكس ما هو متعارف عليه، فإن المرضعة لا تحتاج إلى كميات إضافية من السوائل لزيادة إدرار الحليب، حيث أن استهلاك 8 أكواب من الماء/ يومياً بالإضافة إلى الحساء، والزهورات، الحليب والعصائر المستهلكة يومياً يعتبر كاف.
يجب على المرأة المرضع الامتناع عن تناول الكحول خلال فترة الرضاعة، والتقليل من شرب القهوة والشاي والمشروبات المحتوية على الكافيين، لأن الكافيين ينتقل من حليب الأم إلى الطفل، مما قد يسبب للطفل الأرق وتمنعه من النوم بهدوء، كما أنه يتجمع في أجهزة جسم الطفل، لأن أجسامهم لا تستطيع التخلص منه بسهولة،
فعلى سبيل المثال، يحتاج جسم الطفل إلى ثمانين ساعة للتخلص من 5 مغ كافيين (وهي الكمية التي يمكن أن تنتقل إليه من شرب فنجان قهوة واحد) في الوقت الذي يحتاج فيه جسم الإنسان البالغ إلى 3 ساعات فقط للتخلص من نفس الكمية. لذلك ينصح بعدم استهلاك المرضعة لأكثر من فنجان قهوة أو شاي في اليوم الواحد، ويفضل استهلاك القهوة والشاي الخالي من الكافيين، والامتناع عن المشروبات الغازية.
- الطاقة:
تحتاج المرأة المرضعة إلى 500 سعر حراري إضافي يومياً عن احتياجات المرأة العادية. ويجب على المرضعة الحصول على هذه الكمية الإضافية من الطاقة عن طريق زيادة المتناول من الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية المطلوبة في هذه الفترة، كتلك الغنية بالكالسيوم، البروتين، والفيتامينات، وليس عن طريق تناول الأغذية الغنية بالدهون كالوجبات السريعة والحلويات.
ملاحظات:
- الرضاعة والتدخين:
يجب على المرأة المرضع التوقف نهائياً عن التدخين، حيث أن الدراسات أثبتت أن حليب المرضع المدخنة يحتوي على كميات من النيكوتين التي تنتقل بدورها إلى جسم الطفل الرضيع، عدا عن المشاكل التنفسية والأمراض التي تزيد فرصة حدوثها للأطفال الذين يعيشون في بيئة مليئة بالمدخنين. كما أن التدخين يزيد من احتمالية حدوث الموت المفاجئ للأطفال الرضع (Sudden Infant Death Syndrome).
- تشكو بعض الأمهات من الشعور بالألم عند عملية الإرضاع، ويرجع ذلك إما بسبب الإرضاع بصورة خاطئة من حيث كيفية الجلوس، حمل الطفل، أو طريقة مسك الثدي، أو بسبب عدم انتظامها في عملية الرضاعة، وفي هذه الحالة يجب أن ترضع الطفل بصورة منتظمة وبأوقات محددة.
- بالنسبة للأم المرضعة العاملة، فإنها تستطيع شفط الحليب من ثديها وتخزينه في البراد إلى حين إعطائه للطفل، حيث أنه يبقى محتفظاً بقيمته الغذائية لمدة 24 ساعة إذا تم حفظه بالطريقة الصحيحة.
- يُنصح باستشارة الطبيب قبل أخذ أي دواء أثناء الرضاعة، وحتى بالنسبة للأدوية التي لا تؤثر على الحليب، فإنه يُنصح بأخذها بعد أن يرضع الطفل وليس قبل إرضاعه.
- هل يسبب الإرضاع الترهل للثدي؟ سؤال يُطرح بكثرة، والجواب الصحيح هو أن زيادة الوزن الكبيرة أثناء الحمل هي المسؤولة عن ترهل الثدي، كما أن الفطام المفاجئ مسؤول أيضاً عن ذلك. ولمعالجة هذا الترهل فينصح بعمل حمامات ساخنة تليها حمامات باردة للصدر يومياً، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية الخاصة بمنطقة الصدر.
- هل يمكن إتباع حمية معينة لتخفيف الوزن خلال الرضاعة؟
إن الرضاعة الطبيعية المنتظمة مع غذاء صحي متوازن يعتبر أفضل وسيلة لخسارة الوزن الزائد الذي تراكم أثناء الحمل. وإذا رغبت في تخفيض وزنك خلال فترة الرضاعة، دون التأثير على كمية ونوعية الحليب، عليك عدم اللجوء إلى أي أنظمة غذائية عشوائية، وإتباع الإرشادات التالية:
- الامتناع عن تناول الدهنيات كالسمنة والزبدة، والابتعاد عن المقالي، الشوكولا، والحلويات قدر الإمكان.
- الاستعانة بالخضار والفواكه عند الإحساس بالجوع، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تجاوز الحصص اليومية المسموح بها من الفواكه، حيث أنها تحتوي على السكريات أيضاً، فاستهلاك 5-6 حصص من الفواكه الطازجة يومياً يعتبر كاف.
- تقليل الكمية المضافة من الزيت إلى الطبخ والسلطات.
- ممارسة نشاط رياضي معتدل بمعدل 3 مرات أسبوعياً (كالمشي المعتدل).
- لا يشترط على المرأة المرضع أن تمتنع عن أكلات معينة كما هو شائع، فما هو صحيح لطفل قد يكون مختلفاً لطفل آخر، إنما عليها أن تلاحظ ردة فعل الطفل بعد الرضاعة، فإذا أحست بانزعاجه بعد أكلها شيء معين، عليها التوقف عن أكله، حيث أن حليبها مرآة لما تأكله. وتقول الدراسات أنه من الضروري تعويد الطفل على نكهات مختلفة من خلال حليب أمه، مع الأخذ بعين الاعتبار، طبعاً، ما إذا كان ذلك يزعجه.
ولكن ينصح فقط بالابتعاد عن أكل الفول السوداني وزبدة الفول السوداني، حيث أنه ممكن أن يسبب الحساسية للطفل.
- أثناء الرضعة الواحدة، يمكن للطفل أن يرضع من ثدي واحد أو من الاثنين. تتغير تركيبة الحليب خلال الرضعة، ففي البداية يحتوي الحليب على نسبة عالية من الماء ليروي عطش الطفل، تليه نسبة عالية من الدهنيات لتشبعه وتزيد من وزنه. لذلك ، على المرضع التأكد من أن الطفل قد أفرغ الثدي الأول قبل أن ينتقل إلى الثاني . ويستغرق ذلك من خمس دقائق إلى خمس عشرة دقيقة حسب جهد الطفل.
ما يمنع عملية الرضاعة:
- جراحات تصغير وتكبير الصدر قد تعيق عملية إنتاج الحليب، أو إيصاله إلى الحلمة.
- التهاب الكبد من النوعين C وB.
- وجود فطريات أو تقرحات على الثدي.
- الإصابة بفيروس الإيدز (HIV).